ولا ريب أن أكثر الناس يخالفونهم في هذا، ولا يقولون بدوام الحادث المعين.
فمن قال بإثبات الاستواء والنزول، وغيرهما من الأفعال القائمة بذاته، المتعلقة بمشيئته وقدرته، لا يقول: إن ذلك يدوم.
وكذلك أكثر القائلين بأن الله كلم موسى بنداء بصوت سمعه موسى، والنداء بالصوت قائم بذات الله تعالى، لا يقولون: إن ذلك النداء بعينه دائم أبداً، ونظائره كثيرة.
وإذا كان كذلك، فيقال إما أن يكون بقاء الحادث الذي هو الحروف والأصوات ممكناً، أو ممتنعاً.
فإن كان ممكناً، صح قول الكرامية.
وإن كان ممتنعاً، صح قول من ينازعهم في دوام الحادث ويقول: إنه لا يبقى، مع اتفاق الجميع على قيام الحوادث به.
وحينئذ فعلى التقديرين لا يلزم صحة قول المنازع النافي لقيام الحوادث به.
وأيضاً فيقال قول القائل إنه يستحيل الجمع بين الحروف، هو من موارد النزاع.
فذهب طوائف إلى إمكان اجتماعها من القائلين بقدم الحروف، والقائلين بحدوثها.
وهذا قول السالمية وغيرهم من القائلين باجتماعها مع قدمها، وقول من قال باجتماعها مع حدوثها كالكرامية.