فإنه متعدد لكن تعدد المحل واتحاده لا ينفي التضاد فإن المثلين متضادان وغن كانا متماثلين في الحقيقة والمحل، فالباء والتاء تتضادان أعظم من تضاد الباء والحاء إذ الحرفان يتعدد محلها يمكن اجتماعها ن بخلاف ما يتحد محلهما والضدان إنما يمتنع اجتماعهما في محل واحد لا في محلين.
فإذا قدر أن الحروف لا تكون إلا في محل واحد كانت بمنزلة معانيها التي لا تكون إلا في محل واحد.
وإذا قدر أن لها محلين أمكن اجتماعها، كما تجتمع أصوات المتكلمين جميعاً.
لكن الواحد منا لا يقدر منا لا يقدر على ذلك لكون حركة بعض آلاته مستلزماً لحركة الآخر وإلا فلو قدر أنا يمكننا تحريك الجميع كالذي ينفخ بيديه في هذه نفاخة وفي هذه نفاخة، أمكن اجتماع الحروف واجتماع الأصوات في زمن واحد مع تعدد المحل.
وإنما الذي يظهر امتناعه اجتماع حرفين في محل واحد في زمن واحد.
ولكن هذا قد يقال فيه إنه بمنزلة معاني الكلام فإن الواحد منا يجد من نفسه أنه لا يمكنه جمع معاني الكلام في زمن واحد في قلبه.
وإذا كان كذلك فمن قال باجتماع المعاني لزمه ما يلزم من قال