والعلم حقيقة واحدة كما أن الطلب والخبر حقيقة واحدة، فلماذا لا يجوز أن تكون حقيقة الحروف المختلفة حقيقة واحدة، وكذلك حقيقة الأصواب؟ لست أعني واحدة بالنوع بل.
واحدة بالعين كما جعل الكلام واحداً بالعين، وكما سوغ ان تكون الصفات المتنوعة واحدة بالعين.
والذين قالوا: إن الكلام حروف وأصوات متقارنة قديمة لا يسبق بعضها بعضاً وهو مع ذلك واحد، إنما قالوه تبعاً لأولئك وجرياً على قياس قولهم، وهو لازم لهم مع ظهور فساده، وفساد اللازم يدل على فساد الملزوم.
ويلزم من قال ذلك أن يجعل الطعم واللون والريح شيئاً واحداً.
وإذا قيل: هذا كالسواد والبياض.
قيل له: ويلزمك ان تجعل السواد والبياض شيئاً واحداً، كما جعلت العلم والقدرة والحياة شيئاً واحداً.
فإذا قال: نحن تكلمنا فيما يمكن اجتماعه من المعاني، والسواد والبياض متضادان.