أيضاً قول معلوم الفساد ولا نعرف قائلاً معروفاً يقول به فإن هذا هو التشبيه والتمثيل الذي يعلم تنزه الله عنه إذ كان كل ما سواه مخلوقاً والمخلوقات تشترك في هذا المسمى فيجوز على المجموع من العدم والحدوث والافتقار ما يجب تنزيه الله عنه بل لو جاز ووجب وامتنع عليه ما يجوز ويجب ويمتنع على الممكنات والمحدثات لزم الجمع بين النقيضين، فإنه يجب له الوجود والقدم، فلو وجب ذلك للمحدث، مع أنه لا يجب له ذلك، لزم أن يكون ذلك واجباً للمحدث غير واجب له، ولو جاز عليه الإمكان والعدم، مع أن الواجب بنفسه، القديم الذي لا يقبل العدم، لا يجوز عليه الإمكان والعدم للزم أن يمتنع عليه العدم لا يمتنع عليه، وأن يجب له الوجود، لا يجب له، وذلك جمع بين النقيضين.
فتنزيه الله عما يستحق التنزيه عنه من مماثلة المخلوقين يمنع أن يشاركها في شيء من خصائصها، سواء كانت تلك الخاصة شاملة لجميع المخلوقات، أو مختصة ببعضها.
فعلم أن القول بأنه جوهر كالجواهر، أو جسم كالأجسام، سواء جعل التشبيه لكل منها، أو بالقدر المشترك بينها، لم تقل به طائفة معروفة أصلاً.
فإن كان النزاع ليس إلا مع هؤلاء فلا نزاع في المسألة فتبقى بحوثه المعنوية في ذلك ضائعة، وبحوثه اللفظية غير نافعة مع أني إلى ساعتي هذه لم أقف على قول لطائفة ولا نقل عن طائفة أنهم قالوا