المتأخرين الذين أثبتوا جواهر معقولة غير متحيزة موافقة للفلاسفة الدهرية أو قالوا: إنه دليل على نفي ذلك: أنتم إذا ناظرتم الملاحدة المكذبين فادعوا إثبات جواهر غير متحيزة عجزتم عن دفعهم أو فرطتم، فقلتم: لا نعلم دليلا على نفيها، أو قلتم بإثباتها وإذا ناظرتم إخوانكم المسلمين الذين قالوا بمقتضى النصوص الإلهية والطريقة السلفية وفطرة الله التي فطر عباده عليها، والدلائل العقلية السليمة عن المعارض، وقالوا: إن الخالق تعالى فوق خلقه، سعيتم في نفي هذا القول لوازم هذا القول وموجباته، وقلتم: لا معنى للجوهر إلا المتحيز بذاته، فإن كان هذا القول حقا فادفعوا به الفلاسفة الملاحدة، وإن كان باطلا فلا تعارضوا به المسلمين.
أما كونه يكون حقا إذا دفعتم ما يقوله إخوانكم المسلمون، ويكون باطلا إذا عجزتم عن دفع الملاحدة في الدين فهذا طريق من بخس حظه من العقل والدين، وحسن النظر والمناظرة عقلا ًوشرعا.
والجواب الثاني: أنك قلت في أول هذا الوجه: إما أن تكون ذاته قابلة لأن يشار إليها أنها ههنا أو هناك، أو لا تكون قابلة.