فتبين أن كل ما ذكره مغلطة لأنه قال: إما أن يقال: إنه جسم كالأجسام، وإما أن يقال: جسم لا كالأجسام، فإن قيل بالثاني كان النزاع في اللفظ لا في المعنى، فدل ذلك على أن قوله في المعنى موافق لقول من يقول: جسم لا كالأجسام، ثم جعل القسم الأول هو القول بتماثل الأجسام، فكان حقيقة قوله: إنه إما أن يقال إنه مماثل للأجسام في حقيقتها بحيث يتصف بما تتصف به من الوجوب والجواز والامتناع، وإما أن لا يقال بذلك، فمن لم يقل بذلك لم ينازعه في المعنى، ومن قال بالأول فقلوه باطل.
ومعلوم أن أحداً من الطوائف المعروفة وأهل الأقوال المنقولة لم يقل: إنه جسم مماثل للأجسام كما ذكر.
ومعلوم أيضاً أن فساد هذا أبين من أن يحتاج إلى ما ذكره من الأدلة، فإن فساد هذا معلوم بالأدلة اليقينية لما في ذلك من الجمع بين النقيضين، إذ كان كل منهما يلزم أن يكون واجباً بنفسه لا واجباً بنفسه، محدثاً لا محدثا، ممكنا لا ممكنا، قديماً لا قديما إذ المتماثلان يجب اشتراكهما في هذه الصفات.
وإذا كان القول الذي نفاه لم يقله أحد، ولم ينازعه فيه أحد والقول الذي ادعى أنه موافق لقائله في المعنى لا يخالف فيه قائلة، بقي مورد النزاع لم يذكره ولم يقم دليلا على نفيه وهو قول من يقول: هو