ولا يخالط غيره فإذا قالوا هذا لا يعقل قالوا وذلك لا يعقل.
ومذهب النفاة أبعد في العقل من مذهب الحلولية، ولهذا إذا ذكر القولان لأهل الفطر السليمة نفروا عن قول النفاة أعظم من نفورهم عن قول الحلولية وكذلك ما ذكره من امتناع النهاية من بعض الجوانب دون بعض فإن هذا قاله طائفة ممن يقول إنه على العرش.
وقول هؤلاء وإن قيل إنه باطل فقول النفاة أبطل منه إما احتجاجه على هؤلاء بأن اختصاص أحد الطرفين بالنهاية دون الآخر محال لعدم الأولوية، أو لافتقاره إلى مخصص من خارج فيقولون له أنت دائما تثبت تخصيصاً من هذا الجنس كما تقول إن الإرادة تخصص أحد المثلين لا لموجب فإذا قيل لك: هذا يستلزم ترجيح أحد المتماثلين بلا مرجح قلت هذا شان الإرادة والإرادة صفة من صفاته فإذا كانت ذاته مستلزمة لما من شأنه ترجيح أحد المثلين لذاته بلا مرجح فلأن تكون ذاته تقتضي ترجيح أحد المثلين بلا مرجح أولى.
وهذا للمعتزلة والفلاسفة ألزم، فإن المعتزلة يقولون إن القادر المختار يرجح بلا مرجح والفلاسفة يقولون: مجرد الذات اقتضت ترجيح الممكنات بلا مرجح آخر فقد اتفقوا كلهم على أن الذات توجب الترجيح لأحد المتماثلين بلا مرجح فكيف يمكنهم مع هذا ان يمنعوا كونها تستلزم تخصيص أحد الجانبين بلا مخصص.