للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولقائل أن يقول هذا الوجه في غاية الضعف وذلك انه إذا كانت الحروف مقدورة له.

حادثة بمشيئته، كما ذكرته عن منازعيك فتخصيص كل منها بمحله، كتخصيص جميع الحوادث بما اختصت به من الصفات والمقادير والأمكنة والأزمنة.

وهذا إما أن يرد إلى محض المشيئة وإما إلى حكمة جلية أو خفية وقد تنازع الناس في الحروف التي في كلام الآدميين هل بينها وبين المعاني مناسبة تقتضي الاختصاص على قولين مشهورين.

وأما اختصاصها بمحالها في حق الأدميين بسبب يقتضي الاختصاص فهذا لا نزاع فيه.

فعلم أن الاختصاص منه بالمحل أولى منه بالمعنى.

واما قوله إن قالوا باجتماع الحروف بذاته مع اتحاد الذات فيلزم منه اجتماع المتضادات في شيء واحد فهذا قد تقدم أن للناس فيه قولين وان القائلين باجتماع ذلك إن كان قولهم فاسداً فقول من يقول باجتماع المعاني المتعاقبة وأنها شيء واحد وأن الصفات المتنوعة شيء واحد أعظم فساداً.

وأما قوله وغن لم يقولوا باجتماع حروف القول في ذاته فيلزم منه مناقضة أصلهم في أن ما اتصف به الرب يستحيل عروه عنه فكلام صحيح ولكن تناقضهم لا يستلزم صحة قول منازعيهم إذا كان ثم قول ثالث وهذا اللازم فيه نزاع معروف وقد حكي النزاع عنهم أنفسهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>