وهم متنازعون في المسائل التي دلت عليها النصوص، كمسائل الصفات والقدر، وأما المسائل المولدة كمسألة الجوهر الفرد وتماثل الأجسام وبقاء الأعراض وغير ذلك ففيها من النزاع بينهم ما يطول استقصاؤه، وكل منهم يدعي فيها القطع العقي.
ثم كل من كان عن السنة أبعد كان التنازع والاختلاف بينهم في معقولاتهم أعظم، فالمعتزلة أكثر اختلافاً من متكلمة أهل الإثبات، وبين البصريين والبغداديين منهم من النزاع ما يطول ذكره، والبصريون أقرب إلي السنة والإثبات من البغداديين، ولهذا كان البصريون يثبتون كون الباريء سميعاً بصيراً مع كونه حياً عليماً قديراً، ويثبتون له الإرادة، ولا يوجبون الأصلح في الدنيا، ويثبتون خبر الواحد والقياس، ولا يؤثمون المجتهدين، وغير ذلك.
ثم بين المشايخة والحسينية ـ أتباع أبي الحسن البصري ـ من التنازع ما هو معروف.
وأما الشيعة فأعظم تفرقاً واختلافاً من المعتزلة، لكونهم أبعد عن السنة منهم، حتى قيل: إنهم يبلغون اثنتين وسبعين فرقة.
وأما الفلاسفة فلا يجمعهم جامع، بل هم أعظم اختلافاً من جميع طوائف المسلمين واليهود والنصارى.
والفلسفة التي ذهب إليها الفارابي وابن سينا إنما هي فلسفة المشائين أتباع أر سطو صاحب التعاليم، وبينه وبين سلفه من النزاع والاختلاف ما يطول وصفة، ثم بين أتباعه من الخلاف ما يطول وصفه.
وأما سائر طوائف الفلاسفة، فلو حكي اختلافهم في علم الهيئة وحده لكان أعظم من اختلاف كل طائفة من طوائف أهل القبلة، والهيئة علم رياضي حسابي هو