فعامة من يطلق ذلك إما متناقض في نفيه وإثباته يثبت الشيء بعبارة وينفيه بأخرى، أو يثبته وينفي نظيره أو ينفيه مفصلاً ويثبته مجملاً أو بالعكس، أو يتكلم في النفي والإثبات بعبارات لا يحصل مضمونها ولا يحقق معناها.
وهكذا كثير في الكبار فضلاً عن الصغار، وكثير منهم لا يفهم مراد أكابرهم بهذه العبارات، وهم يعلمون أن عامتهم لا يفهمون مرادهم، وإنما يظنونه تعظيماً وتسبيحاً من حيث الجملة، والواجب على المسلمين أن يتلقوا الأقوال الثابتة عن الرسول بالتصديق والقبول مطلقاً في النفي والإثبات.
وأما الألفاظ التي تنازع فيها أهل الكلام، فلا تتلقى بتصديق ولا تكذيب حتى يعرف مراد المتكلم بها، فإن وافق ما قاله الرسول كان من القول المقبول، وإلا كان من المردود ن ولا يكون ما وافق قول الرسول مخالفاً للعقل الصريح أبدا، كما لا يكون ما خالف قوله مؤيداً ببرهان العقل أبداً كما قد بين ذلك في غير هذا الموضع.
وكذلك لفظ الجهة لفظ مجمل فإن الناطقين به من أهل الكلام والفلسفة، وقد يريدون بلفظ الجهة أمراً وجودياً غما جسماً وغما عرضاً في جسم.
وقد يريدون بلفظ الجهة ما يكون معدوما كما وراء الموجودات.