وقد قال الشافعي رحمة الله عليه في الرسالة أنهم فوقنا في كل عقل وعلم، وفضل وسب ينال به علم، أو يدرك به صواب، ورأيهم لنا خير من رأينا لأنفسنا أو كما قال رحمة الله عليه.
وأما قوله لو كلف الله رسولاً من الرسل أن يلقي حقائق هذه الأمور إلى الجمهور من العامة الغليظة طباعهم المتعلقة بالمحسوسات الصرفة أذهانهم إلى آخر كلامه.
فيقال: لا ريب أن فيما غاب عن المشاهدة أموراً من الغيب، بعضها يمكن التعريف به مطلقاً، وبعضها لا يمكن التعريف به إلا بعد شروط واستعداد وبعضها لا يمكن التعريف به في الدنيا إلا على وجه مجمل، وبعضها لا يمكن التعريف به في الدنيا بحال وبعضها لا يمكن مخلوقاً أن يعلمه.
ولهذا قال تعالى {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} السجدة ١٧.
وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى أعددت لعبادي الصالحين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فما لا يخطر بالقلوب إذا عرفت به لم تعرفه إلا إذا كان له نظير، وإلا لم يمكن التعريف على وجهه.