يجعلون هذا عارضاً لذاك، وتارة يجعلون ذاك عارضا لهذا، ويقولون: الماهية يعرض لها أن تكون كلية وجزئية.
وحقيقة الأمر أن الماهية الكلية إنما تكون كذلك في الذهن وما في الذهن لا يوجد في الخارج إلا معيناً، ومعنى وجوده وجود ما يطابقه: مطابقة العلم للمعلوم، والاسم للمسمى، والإرادة للمراد، وإلا فعاقل يتصور ما يقول لا يقول: إن الكليات توجد في الخارج إلا إذا أراد به أن ما هو كلي في الأذهان يكون ثابتاً في الأعيان، لكن معيناً وهؤلاء ينكرون على من يقول: المعدوم شيء ثابت في الخارج.
وقوله وإن كان باطلاً فقولهم أفسد منه وإن كانا يشربان من عين واحدة، وهو اشتباه ما في الأذهان بما في الأعيان.
وكذلك الذين أثبتوا الأحوال في الخارج، وقالوا: هي لا موجودة ولا معدومة، شربوا أيضاً من هذه العين، وكذلك من ظن اتحاد العالم بالمعلوم، والمحب بالمحبوب، والعابد بالمعبود، كما وقع لأهل الاتحاد المعين قد شرب من هذه العين المرة المالحة أيضاً وكذلك من قال بالاتحاد المطلق تصور وجوداً مطلقاً في نفسه، فظن أنه في الخارج، فهؤلاء كلهم شربوا من عين الوهم والخيال، فظنوا أن ما يكون في وهمهم وخيالهم هو ثابت في الخارج.
هذا وهم ينكرون على أهل العقول السليمة والفطر المستقيمة إذا