وجعل الإمام أحمد حجة جهم من جنس حجة أولئك الذين يقولون بالحلول المقيد لأن هؤلاء يقولون إنه حل في بعض خلقه.
وهؤلاء الجهمية فيهم من يقول: إن اللاهوت في الناسوت من غير حلول فيه.
وهكذا الجهم وأتباعه جعلوا وجود الخالق في المخلوقات، من جنس اللاهوت في الناسوت، ويجمعون بين القولين المتناقضين كما جمعت النصارى.
واحتجاج الجهم بهذا على السمنية، كاحتجاج نفاة الصفات بذلك على أهل الإثبات، فإن الرازي وأمثاله احتجوا على إمكان وجود موجود لا مباين للعالم ولا داخل فيه بالنفس الناطقة، على قول هؤلاء المتفلسفة، الذين يقولون: إنها لا داخلة في هذا العالم ولا خارجة من هذا العالم إنها تشبه الإله وإن الفلسفة التشبه بالإله على قدر الطاقة.
ومقصود الجهم بهذه الحجة بيان إمكان وجود موجود لا سبيل إلى إحساسه، فاحتج عليهم بالنفس الناطقة، إذ لا سبيل إلى إحساسها وهذه حجة المشائين من المتفلسفة على الطبيعيين منهم.
وهؤلاء يجعلون ما يثبتونه من الأمور المعقولة، حجة على إثبات موجود ليس بمحسوس، ثم يزعمون أن ما أخبرت به الرسل من الغيب، هو الوجود العقلي الذي يثبتونه.