فعلى التقديرين لا يكون عندهم الكتاب الحاكم مفصلا، بل مجملا ملتبساً أو مؤولا بتأويل لا دليل على إرادته.
ثم قال:{والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق}[الأنعام: ١١٤] ، وذلك أن الكتاب الأول مصدق للقرآن، فمن نظر فيما بأيدي أهل الكتاب من التوراة والإنجيل، علم علماً يقيناً لا يحتمل النقيض أن هذا وهذا جاءا من مشكاة واحدة، لا سيما في باب التوحيد والأسماء والصفات، فإن التوراة مطابقة للقرآن موافقة له موافقة لا ريب فيها.
وهذا مما يبين أن ما في التوراة من ذلك، ليس هو من المبدل الذي أنكره عليهم القرآن، بل هو من الحق الذي صدقهم عليه.
ولهذا لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ينكرون ما في التوراة من الصفات، ولا يجعلون ذلك مما يدله اليهود، ولا يعيبونهم بذلك ويقولون هذا تشبيه وتجسيم، كما يعيبهم بذلك كثير من النفاة، ويقولون: إن هذا مما حرفوه، بل كان الرسول إذا ذكروا شيئاً من ذلك صدقهم عليه، كما صدقهم في خبر الحبر، كما هو في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود، وفي غير ذلك.
ثم قال:{وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا}[الأنعام: ١١٥] ، فقرر أن ما أخبر الله به فهو صدق، وما أمر به فهو عدل.
وهذا يقرر أن ما في النصوص من الخبر فهو صدق علينا أن نصدق