قد ذكر ما يدل عليه في نفس الخطاب: إما مقرونا به، وإما في نص آخر.
ولهذا لما لم يكن لهم قانون قويم، وصراط مستقيم، في النصوص لم يوجد أحد منهم يمكنه التفريق بين النصوص التي تحتاج إلى تأويل والتي لا تحتاج إليه، إلا بما يرجع إلى نفس المتأول المستمع للخطاب، لا بما يرجع إلى نفس المتكلم بالخطاب، فنجد من ظهر له تتناقض أقوال أهل الكلام والفلاسفة، كأبي حامد وأمثاله، ممن يظنون أن في طريقة التصفية نيل مطلوبهم، يعولون في هذا الباب على ذوقهم وكشفهم، فيقولون: إن ما عرفته بنور بصيرتك فقرره، وما لم تعرفه فأوله.
ومن ظن أن في كلام المتكلمين ما يهدي إلى الحق، يقول: ما ناقض دلالة العقل وجب تأويله، وإلا فلا.
ثم المعتزلي - والمتفلسف الذي يوافقه - يقول: إن العقل يمنع إثبات الصفات وإمكان الرؤية.
ويقول المتفلسف الدهري: إنه يمنع إثبات معاد الأبدان وإثبات أكل وشرب في الآخرة، ونحو ذلك.
فهؤلاء مع تناقضهم لا يجعلون الرسول نفسه نصب في خطابه