للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والواجبات لا تفعل على الراحلة، والنوافل تفعل على الراحلة، فلما كان مفعولاً على الراحلة، كان حكمه عكس حكم الفرائض، ونقيض حكم الفرائض، ومثل حكم النوافل، فيقاس بالواجبات قياس العكس، وبالنوافل قياس الطرد.

وكذلك إذا قيل: دم السمك طاهر، لأنه لو كان نجساً لوجب سفحه بالتذكية، لأن الدماء النجسة يجب سفحها بالتذكية، فلما لم يجب سفحه، كان حكمه نقيض حكمها، وكان ملحقاً بالرطوبات الطاهرة التي لا تسفح.

وفي الحقيقة فكل قياس يجتمع في قياس الطرد والعكس، فقياس الطرد هو الجمع والتسوية بينه وبين نظيره، وقياس العكس هو الفرق والمخالفة بينه وبين مخالفه.

فالقايس المعتبر ينظر في الشيء فيلحقه بما يماثله لا بما يخالفه، ويبين له حكمه في اعتباره بهذا وهذا.

والمقصود هنا أن معرفة ما يعارض الكتاب والمرسلين، كنبوة مسيلمة ونحوه من الكذابين، وأقاويل أهل الإلحاد الذين يعارضون بعقولهم وذوقهم ما جاء به الرسول، كلما ازداد العارف معرفة بها وبما جاء به الرسول، تبين له صدق ما جاء به الرسول وبيانه وبرهانه، وبطلان هذه وفسادها وكذبها، كما إذا قدر مفتيان أو قاضيان أو محدثان أحدهما يتكلم بعلم وعدل، والآخر بجهل وظلم، فإنه كلما اعتبرت أحدهما بالآخر ظهرت

<<  <  ج: ص:  >  >>