إثبات الصانع عندهم لا يتوقف على هذه الطريق، بل قد صرح الأشعري في رسالته إلى أهل الثغر هو وغيره، بأن هذا الطريق ليس هو طريق الأنبياء وأتباع الأنبياء، بل هي محرمة في دينهم، ولكن الأشعري لا يبطل هذه الطريق، بل يقول: هي مذمومة في الشرع، وإن كانت صحيحة في العقل، وسلك هو طريق مختصرة من هذا، وهو إثبات حدوث الإنسان بأنه مستلزم للحوادث، وما لا يخلو من الحوادث فهو حادث، ووافقهم على أن المعلوم حدوثه هو الأعراض: كالاجتماع والافتراق، وأن ما يخلق من الحيوان والنبات والمعادن إنما تحدث أعراضه لا جواهره.
وكذلك الخطابي وطائفة معه، ممن يذم هذه الطريقة الكلامية التي ذمها الأشعري، يوافقون على صحتها مع ذمهم لها.
وأما جمهور الأئمة والعقلاء، فهي عندهم باطلة، وهذا مما يعلم معناه كل من له نظر واستدلال، إذا تأمل حال سلف الأمة وأئمتها وجمهورها، فإنهم كلهم مؤمنون بالله ورسوله، ولم يكونوا يبنون الإيمان على إثبات حدوث الأجسام، بل كل من له أدنى علم بأحوال الرسول وأصحابه، يعلم انهم له يجعلوا العلم بتصديقه مبنيا على القول بحدوث الأجسام، بل ليس في الكتاب ولا السنة، ولا قول أحد من السلف والأئمة، ذكر القول بحدوث الأجسام ولا إمكانها، فضلاً عن أن يكون فيها أن الإيمان بالله ورسوله لا يحصل إلا بذلك، وقد بسط الكلام على هذا في مواضع.
والمقصود هنا أن القول بأن أول الواجبات هو سلوك النظر في