للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا يقول لفظ (الوجود) و (الذات) وغيرهما، مقول عليه وعلى الموجودات بالاشتراك اللفظي المجرد كاشتراك (المشتري) و (سهيل) فتخرج الأسماء العامة الكلية كاسم (الوجود) و (الذات) و (النفس) و (الحقيقة) و (الحي) و (العالم) و (القادر) ونحو ذلك من مسمياتها، وتسلبه العقول ما جعله الله فيها من المعاني والقضايا العامة الكلية، وهذه خاصة العقل التي تميز بها عن الحس، إلى أمثال هذه المقولات التي هي عند من فهمها وعرف حقيقة قول أصحابها، ضحكة للعاقل من وجه، وأعجوبة له من وجه، ومسخطة له من وجه.

ومثل هذه المعقولات لو تصرف بها في تجارة أو صناعة من الصناعات لأفسدت التجارة والصناعة، فكيف يتصرف بها في الأمور الإلهية وفي صفات رب البرية، ثم يعارض بها كلام الله الذي بعث به رسله وأنزل بها كتبه؟ .

فمن تبحر في المعقولات، وميز بين البينات والشبهات، تبين له أن العقل الصريح أعظم الأشياء موافقة لما جاء به الرسول، وكلما عظمت بمعرفة الرجل بذلك، عظمت موافقة الرسول.

ولكن دخلت الشبهة في ذلك بأن قوماً كان لهم ذكاء تميزوا به في أنواع العلوم: إما طبيعية كالحساب والطب، وإما شرعية كالفقه مثلا.

وأما الأمور الإلهية فلم يكن لهم بها خبرة كخبرتهم بذلك، وهي أعظم المطالب، وأجل المقاصد، فخاضوا فيها بحسب أحوالهم، وقالوا

<<  <  ج: ص:  >  >>