للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسه أنك إذا قلت: ليس بموجود ولا حي ولا ميت كان هذا تشبيهاً بالمعدوم أيضاً، فقال: لا أقول لا هذا ولا هذا، فأورد على نفسه أنك قد قررت في المنطق أنه إذا اختلفت قضيتان بالسلب والإيجاب، لزم من صدق إحداهما كذب الأخرى، فإن صدق أنه موجود، كذب أنه ليس بموجود، وإن صدق أنه ليس بموجود، كذب أنه موجود، ولا بد لك بذلك من إحداهما، فأجاب بأني لا أقول لا هذا ولا هذا، فلا أقول: موجود ولا ليس بموجود، ولا معدوم ولا ليس بمعدوم.

فهذا منتهى كلام الملاحدة، وقد حكوا مثل هذا عن الحلاج، وأشباهه من أهل الحلول والاتحاد، وأنهم لا يثبتونه ولا ينفونه، ولا يحبونه ولا يبغضونه.

فيقال لهذا الضال: كما أن الجمع بين النقيضين ممتنع، فرفع النقيضين أيضاً ممتنع، فإذا امتنع أن يكون موجوداً ليس بموجود، امتنع أن لا يكون موجوداً ولا غير موجود فقد وقعت في شر مما فررت منه.

وأما التشبيه فإنك فررت من تشبيه بموجود أو معدوم، فشبهته بالممتنع الذي لا حقيقة له، فإن ما ليس بموجود ولا معدوم لا حقيقة له أصلاً، وهذا شر مما يقال فيه: إنه موجود أو معدوم.

وقد رام طائفة من المتأخرين، كالشهرستاني، والآمدي، والرازي- في بعض كلامه - ونحوهم، أن يجيبوا هؤلاء عن هذا بأن لفظ (الموجود) و (الحي) و (العليم) و (القدير) ونحوها من الأسماء تقال على الواجب والممكن بطريق الاشتراك اللفظي، كما يقال لفظ

<<  <  ج: ص:  >  >>