الذين اشتبهت عليهم الأمور، وتعارضت عندهم الأذواق والمواجيد، يحسنون الظن بطريق أهل العلم والنظر والاستدلال، ظانين أنه ينكشف به لهم الحقائق.
وحقيقة الأمر أنه لا بد من الأمرين، فلا بد من العلم والقصد، ولا بد من العلم والعمل به، ومن علم بما يعلم ورثه الله علم ما لم يعلم.
والعبد عليه واجبات في هذا وهذا، فلا بد من أداء الواجبات، ولا بد أن يكون كل منهما موافقاً لما جاء به الرسول، فمن أقبل على طريقة النظر والعلم، من غير متابعة للسنة، ولا عمل بالعلم، كان ضالاً غاوياً في عمله، ومن سلك طريق الإرادة والعبادة، والزهد والرياضة من غير متابعة للسنة، ولا علم ينبني العمل عليه، كان ضالاً غاوياً، ومن كان معه علم صحيح مطابق لما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم بلا عمل به كان غاوياً، ومن كان معه عمل موافق للسنة بدون العلم المأمور به كان ضالاً، فمن خرج عن موجب الكتاب والسنة من هؤلاء وهؤلاء كان ضالاً، وإذا لم يعلم بعلمه، أو عمل بغير علم، كان ذلك فساداً ثانياً، والذين لم يعتصموا بالكتاب والسنة من أهل الأحوال والعبادات والرياضات، والمجاهدات، ضلالهم أعظم من ضلال من لم يعتصم بالكتاب والسنة من أهل الأقوال والعلم، وإن كان قد يكون في هؤلاء من الغي ما ليس فيهم، فإنهم يدخلون في أنواع من الخيالات الفاسدة، والأحوال الشيطانية المناسبة لطريقهم.
كما قال تعالى:{هل أنبئكم على من تنزل الشياطين * تنزل على كل أفاك أثيم}[الشعراء: ٢٢١-٢٢٢] .