فمن لم يكن فيه على طريق أئمة الهدى، كان ثغر قلبه مفتوحاً لأئمة الضلال.
ومصداق هذا أن ما وقع في هذه الأمة من البدع والضلال، كان من أسبابه تقصير من قصر في إظهار السنة والهدى، مثل ما وقع في هذا الباب، فإن الجهل المركب الذي وقع فيه أهل التكذيب والجحود في توحيد الله تعالى وصفاته، كان من أسبابه التقصير في إثبات ما جاء به الرسول عن الله، وفي معرفة معاني أسمائه وآياته، حتى أن كثيراً من المنتسبين إلى الكتاب والسنة يريدون أن طريقة السلف والأئمة إنما هو الإيمان بألفاظ النصوص، والإعراض عن تدبر معانيها وفقهها وعقلها.
ومن هنا قال من قال من النفاة:(إن طريقة الخلف أعلم وأحكم، وطريقة السلف أسلم) لأنه ظن أن طريقة الخلف فيها معرفة النفي، الذي هو عنده الحق، وفيها طلب التأويل لمعاني نصوص الإثبات، فكان في هذه عندهم علم بمعقول، وتأويل لمنقول، ليس في الطريقة التي ظنها طريقة السلف، وكان فيه أيضاً رد على من يتمسك بمدلول النصوص، وهذا عنده من إحكام تلك الطريق.
ومذهب السلف عنده عدم النظر في فهم النصوص، لتعارض الاحتمالات، وهذا عنده أسلم، لأنه إذا كان اللفظ يحتمل عدة معان، فتفسيره ببعضها دون بعض فيه مخاطرة، وفي الإعراض عن ذلك سلامة من هذه المخاطرة.
فلو كان قد بين وتبين لهذا وأمثاله أن طريقة السلف إنما هي إثبات