وقال تعالى:{ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون * ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون}[القصص: ٧٤-٧٥] .
وتجد هؤلاء حائرين في مثل قوله تعالى:{وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب}[آل عمران: ٧] ، حيث ظنوا أن المراد بالتأويل: صرف النصوص عن مقتضاها.
وطائفة تقول إن الراسخين في العلم يعلمون هذا التأويل، وهؤلاء يجوزون مثل هذه التأويلات، التي هي تأويلات الجهمية النفاة.
ومنهم من يوجبها تارة، ويجوزها تارة، وقد يحرمونها على بعض الناس، أو في بعض الأحوال لعارض، حتى أن الملاحدة من المتفلسفة والمتصوفة وأمثالهم قد يحرمون التأويلات، لا لأجل الإيمان والتصديق بمضمونها، بل لعلمهم بأنه ليس لها قانون مستقيم، وفي إظهارها إفساد الخلق، فيرون الإمساك عن ذلك لمصلحة، وإن كان حقاً في نفسه.
وهؤلاء قد يقولون: الرسل خاطبوا الخلق بما لا يدل على الحق، لأن مصلحة الخلق لا تتم إلا بذلك، بل لا تتم إلا بأن تخيلوا لهم في أنفسهم ما ليس موجوداً في الخارج لنوع من المصلحة، كما يخيل للنائم والصبي والقليل العقل ما لا وجود له، لنوع من المناسبة، لما له في ذلك من المصلحة.