فلا يقال في مثل هذا التأويل: لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم، بل يقال فيه:{قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض}[يونس: ١٨] ، كتأويلات الجهمية والقرامطة الباطنية، كتأويل من تأول الصلوات الخمس: بمعرفة أسرارهم، والصيام، بكتمان أسرارهم، والحج: بزيارة شيوخهم، والإمام المبين: بعلي بن أبي طالب، وأئمة الكفر: بطلحة والزبير، والشجرة الملعونة في القرآن: ببني أمية، واللؤلؤ والمرجان: بالحسن والحسين، والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين: بأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، والبقرة: بعائشة، وفرعون: بالقلب، والنجم والقمر والشمس: بالنفس والعقل، ونحو ذلك.
فهذه التأويلات من باب التحريف الكلم عن مواضعه، والإلحاد في آيات الله، وهي من باب الكذب على الله وعلى رسوله وكتابه، ومثل هذه لا تجعل حقاً حتى يقال إن الله استأثر بعلمها، بل هي باطل، مثل شهادة الزور، وكفر الكفار يعلم الله أنها باطل، والله يعلم عباده بطلانها بالأسباب التي بها يعرف عباده: من نصب الأدلة وغيرها.
وأصل وقوع أهل الضلال في مثل هذا التحريف، الإعراض عن فهم كتاب الله تعالى، كما فهمه الصحابة والتابعون، ومعارضة ما دل عليه بما يناقضه، وهذا هو من أعظم المحادة لله ولرسول، لكن على وجه النفاق والخداع.