يسمعه الخطاب الذي أراد به خلاف ظاهره، إلا إذا أخطر بباله العقلي المعارض.
فلما قلتم له: هذا مبني على قاعدة الحسن والقبح، وأيضاً فالتفريط من المكلف، كما تقدم إيراده.
فيقال لكم هنا كذلك: هذا مبني على قاعدة الحسن والقبح، وأيضا فالتفريط من المكلف، لأنه لما اعتقد في الأدلة السمعية أنها تفيد اليقين، وهي لا تفيد اليقين، كان مفرطا، فكان جزمه بمدلول خبر الشارع مطلقاً تفريط منه، مع تجويزه أن يريد بخطابه خلاف ظاهره.
فإن سلكوا طريقة أخرى: وهو أنه لا يحتج بالسمع على شيء من المسائل العلمية، وقالوا: المعاد ونحوه معلوم بالضرورة من دين الرسول صلى الله عليه وسلم، كما علم وجوب الصلاة، وأجابوا به ابن سينا، وكان هذا أيضاً جواباً لأهل الإثبات، فإن إثبات الأسماء والصفات، والأفعال معلوم بالضرورة، بل وإثبات لعلو أيضاً.
ومنشأ الضلال قوله:(لو قدرنا قيام الدليل القاطع العقلي على خلاف ما دل عليه الدليل السمعي) وإثبات هذا التقدير هو الذي أوقعكم في هذه المحاذير، فكان ينبغي لكم أن تعلموا أن هذا التقدير يجب نفيه قطعاً، وأنه يمتنع أن يقوم دليل قاطع عقلي مخالف للدليل السمعي.