عند رؤية ظاهره، لا لعدم إمكان إحساسه، لكن لاحتجاب باطنه، أو لمعنى آخر.
وهذا أيضاً من مثارات غلطهم، فإنهم قد لا يفرقون في المحسوس بين ما هو محسوس بالفعل لنا، وبين ما يمكنه إحساسه، وإن كنا الآن لا نستطيع أن نحسه.
فإن عنى بالمحسوس الأول، فلا ريب أن الأعيان منها ما هو محسوس، ومنها ما ليس بمحسوس، وما أخبرتنا به الأنبياء من الغيب ليس محسوساً لنا، فلا نشهده الآن، بل هو غيب عنا، ولكن هو مما يمكن إحساسه، ومما يحسه الناس بعد الموت.
ولهذا كانت عبارة الأنبياء عليهم السلام تقسم الأمور إلى غيب وشهادة، قال تعالى:{الذين يؤمنون بالغيب}[البقرة: ٣] ، وقال:{تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك}[هود: ٤٩] ، وقال:{هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم}[الحشر: ٢٢] .
وأما هؤلاء فيقسمونها إلى محسوس ومعقول.
والمعقول في الحقيقة: ما كان في العقل، وأما الموجودات الخارجية فيمكن أن ينالها الحس، وأن يوقف الإحساس بها على شروط متيقنة الآن.