للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نفسه، بل يكون ما يرجوه من الأكل والشرب النكاح، وما يخافه من العقاب باعثاً له على العبادة، لكن إذا ذاق حلاوة الإيمان وطعم العبادة، كان الله أحب إليه من كل شيء، وإن كان يغيب عن علمه بحاله، حتى لا يرغب ولا يرهب إلا من غير ذلك، فما كل محبوب واجب يستحضر في كل وقت، ولا تحصل به الرغبة، ولا من فواته الرهبة، بل تحصل الرغبة والرهبة بالمحبوب الأدنى والمرهوب الأدنى، ويقوده ذلك إلى المحبوب الأعلى، وهذا موجود فيمن ذاق طعم المحبوب الأعلى، فإنه قد يعترض له هوى في محبوب أدنى، فيكون حضوره ودواعي الشهوة إليه يوجب تقديمه، مع علمه بأنه يفوته بذل ما هو أحب إليه منه، وكمن يشتهي شيئاً فيتناوله، وهو بعلم أنه يضره وأنه يفوته به ما هو أحب إليه، بل يعلم أنه يوجب له ما يضره فإذا حصل له ترهيب يصده عن ذلك، أو رغبة فيما ترغب فيه نفسه حتى يترك ذاك، كان هذا دواء نافعاً له يشتاق به إلى المحبوب الأعلى.

والله قد أنزل كتابه شفاءً لما في الصدور، وهدىً للخلق، ورحمةً لهم، وبعث رسوله بالحكمة.

وأما ما ذكره هذا الرجل من الكلام المزخرف الذي قال الله فيه: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون * ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون} [الأنعام: ١١٢-١١٣] .

<<  <  ج: ص:  >  >>