وأما العمل فهو تطويع قوة النفس الأمارة بالسوء لقوتها المطمئنة، وهذا متفق عليه، لكن عند أهل الملل أن هذا تكميل لعبادة الله وطاعته، وعند الملاحدة إنما هو تهذيب للنفس لتستعد لما جعلوه هم كمالاً.
وليس المقصود هنا ذكر ما في هذا الكلام من حق وباطل، فإن هذا له موضع آخر.
وإنما المقصود ذكر ما يتعلق بكلامهم في قوى التوهم والتخيل، فإنه قال:(لتنجذب قوى التخيل والوهم إلى التوهمات المناسبة للأمر القدسي، منصرفة عن التوهمات المناسبة للأمر السفلي) .
فذكر أن المقصود انجذاب قوى التخيل الوهم إلى التوهمات المناسبة للأمر القدسي، ولم يقل: إلى التوهمات والتخيلات، كما قال انجذاب قوى التخيل والوهم، لأنه يريد أن يجذب قوى التخيل والوهم.
فالتخيل لصور المحسوسات، والوهم لما فيها من المعاني، والجذب يكون إلى التوهمات المناسبة للأمر القدسي، لا إلى التخيل، فإنه ليس المقصود جذبها إلى صورة متخيلة بل إلى أمر متوهم، وهو المعاني التي تحبها النفس، لأن الوهم كما تقدم تصور المعاني المحبوبة في الأعيان، وهي التي تكون لأجلها الولاية والعداوة.