الذي تنجذب معه قوى التخيل والتوهم إلى التوهمات المناسبة لعبادة الله، منصرفة عن المناسبة للأمر السفلي، لا يكون إلا إذا تصور في المراد الذي انجذبت إليه قوة التوهم ما يوجب إرادته ومحبته، فتكون إرادته توجب موالاته ومحبته، بل وخوفه ورجائه.
وهذا كله عندهم من عمل القوة المتوهمة، فدل على أنه لا بد عندهم أن يكون الحق تعالى مما يتعلق الوهم بمعان فيه، وهذا لازم لكلامهم لا محيد عنه.
الوجه الخامس: أنه قال: (الموقعة لما لحن بها من الكلام موقع القبول من الأوهام) .
فتبين أنه يطلب كون الوهم يقبل الكلام الملحن، والقوة الوهمية هي التي تدرك المعنى المحبوب والمكروه في المعين المحسوس الجزئي كما تقدم.
فدل بها على أن الكلام الملحن يكون فيه ما يوجب قبول الوهم للكلام الذي يدعو إلى عبادة الله ومحبته، وذلك بما تقدم من كون الوهم هو الذي يشعر بالمعاني التي تحب وتبغض، وتوالي وتعادي، فكان حب العبد لربه وعبادته إياه مشروطاً بتوهمه في ربهما يحبه العبد، فوجب كون الرب عندهم محسوساً وكون الوهم يتصور فيه ما يحب لأجله.
السادس: أنه قال: (لينجذب التخيل والوهم إلى التوهمات المناسبة للأمر القدسي، منصرفة عن التوهمات المناسبة للأمكر السفلي) .