ويقولون: إن الأجسام الجامدة خير من الموصوف بهذه الصفات، فضلاً عن الأجسام الحية الناقصة، فضلاً عن الأجسام الحية الكاملة.
ومن المعلوم أنه إذا دار الأمر بين جسم حي كامل، وبين معدوم أو ممتنع، كان ذلك خيراً من هذا، وإن كانت هذه النتيجة لازمة لمقدمات يقول أهلها: إنها معلومة بالاضطرار، كانت أثبت من مقدمات يقول أهلها: أنتم لا تعلمونها إلا بالنظر، مع اختلافهم في كل مقدمة منها.
فعلم بذلك أن المثبتة هم أقطع بما يقولونه وأشد تعظيماً لما يثبتونه، وأن النفاة أقرب إلى الظن، وأبعد عن التعظيم والإثبات.
يبين ذلك أن عمدة النفاة على أنه لو ثبت هذه الصفات: من العلو والمباينة ونحو ذلك، للزم أن يكون جسماً، وكون الواجب القديم جسماً ممتنع.
وهذه المقدمة هي نظرية باتفاقهم، وكل طائفة منهم تطعن في طريق الآخرين.
والعمدة فيها طريقان: طريق الجهمية والمعتزلة، وطريق الفلاسفة.
ومن وافق على هذه المقدمة من الفقهاء وأهل الكلام، من الأشعرية وغيرهم فهو تبع فيها: إما للمعتزلة والجهمية، وإما للفلاسفة.
فأما المعتزلة والجهمية فطريقهم هي طريق الأعراض والحركات،