الذي بقي علينا من هذا الجزء من المسائل المشهورة هي مسألة الرؤية، فإنه قد يظن أن هذه المسألة هي، بوجه ما، داخلة في هذا الجزء، أعني في الجزء المعدوم) يعني جزء التنزيه، فإنه تكلم في التنزيه بعد تكلمه في الصفات الثبوتية، فقال:(فإنه قد يظن أن هذه المسألة هي، بوجه ما داخلة في هذا الجزء، أعني في الجزء المعدوم، لقوله تعالى:{لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار}[الأنعام: ١٠٣] ، ولذلك أنكرتها المعتزلة، وردت الآثار الواردة في الشرع بذلك، مع كثرتها وشهرتها، فشنع المر عليهم، والسبب في وقوع هذه الشبهة في الشرع أن المعتزلة لما اعتقدوا انتفاء الجسمية عنه سبحانه، واعتقدوا وجوب التصريح بهذا لجميع المكلفين، وجب عندهم إذا انتفت الجسمية أن تنتفي الجهة، وإذا انتفت الجهة انتفت الرؤية، إذ كل مرئي في جهة من الرائي، فاضطروا لهذا المعنى إلى رد الشرع المنقول، وأعلوا الأحاديث بأنها أخبار آحاد.
وأخبار الآحاد لا توجب العلم، مع أن ظاهر القرآن معارض لها، أعني قوله:{لا تدركه الأبصار}[الأنعام: ١٠٣] ) .