دون عين، وهؤلاء اختلط عليهم إدراك العقل مع إدراك البصر فإن العقل هو الذي يدرك ما ليس في جهة، أعني في مكان.
وأما إدراك البصر، فظاهر من أمره أن من شرطه أن يكون المرئي منه في جهة، أعني في مكان، ولا في كل جهة بل في جهة ما مخصوصة.
ولذلك ليس تتأتى الرؤية بأي وضع اتفق أن يكون البصر من المرئي، بل بأوضاع محدودة وشروط محدودة أيضاً.
وهي ثلاثة أشياء: حضور الضوء، والجسم الشفاف المتوسط بين البصر والمبصر، وكون المبصر ذا لون.
والرد لهذه الأمور المعروفة بنفسها في الإبصار هو رد للأوائل المعلومة بالطبع للجميع، وإبطال لجميع علوم النظر والهندسة.
وقد قال القوم - أعني الأشعرية - إن أحد المواضع التي يجب فيها أن ينقل حكم الشاهد إلى الغائب هو الشرط، مثل حكمنا بأن كل عالم حي، لكون الحياة تظهر في الشاهد شرطاً في وجود العلم قلنا لهم: وكذلك يظهر في الشاهد أن هذه الأشياء هي شرط في الرؤية، فألحقوا الغائب فيها بالشاهد، على أصلكم) .