للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقصود هنا أن ابن رشد هذا مع اعتقاده أقوال الفلاسفة الباطنية - لا سيما الفلاسفة المشائين أتباع أرسطو صاحب التعاليم الذين لهم التصانيف المعروفة في الفلسفة - ومع أن قول ابن رشد هذا في الشرائع من جنس قول ابن سينا وأمثاله من الملاحدة، من أنها أمثال مضروبة لتفهيم العامة ما يتخيلونه في أمر الإيمان بالله واليوم الاخر، وأن الحق الصريح الذي يصلح لأهل العلم، فإنما هو أقوال هؤلاء الفلاسفة، وهذه عند التحقيق منتهاها التعطيل المحض، وإثبات وجود مطلق لا حقيقة له في الخارج غير وجود الممكنات، وهو الذي انتهى إليه أهل الوحدة والقائلون بالحلول والاتحاد، كابن سبعين وأمثاله ممن حقق هذه الفلسفة ومشوا على طريقة هؤلاء المتفلسفة الباطنية من متكلم ومتصوف، وممن أخذ بما يوافق ذلك من كلام أبي حامد وأمثاله، وزعموا أنهم يجمعون بين الشريعة الإلهية والفلسفة اليونانية، كما زعم ذلك أصحاب رسائل إخوان الصفا وأمثالهم من هؤلاء الملاحدة.

وابن رشد هذا، مع خبرته بكلام هؤلاء وموافقته لهم، يقول: إن جميع الحكماء قد اتفقوا على أن الله والملائكة في السماء، كما اتفقت جميع الشرائع على ذلك، وقرر ذلك بطريق عقلية من جنس تقرير ابن كلاب والحارث المحاسبي، وابن العباس القلانسي، والأشعري،

<<  <  ج: ص:  >  >>