أعظم من إنكاره للثاني، فإن كان الأول مقبولاً وجب قبول الثاني وإن كان الثاني مردوداً وجب رد الأول، فلا يمكن منازعو هؤلاء أن يبطلوا قولهم مع إثباتهم لموجود قائم بنفسه، لا داخل العالم ولا خارجه ولا يشار إليه.
وما ذكره ابن رشد من أن: هذه الصفة - صفة العلو - لم يزل أهل الشريعة في أول الأمر يثبتونها لله تعالى حتى نفتها المعتزلة، ثم تبعهم على نفيها متأخرو الشريعة - كلام صحيح، وهو يبين خطأ من يقول: إن النزاع في ذلك ليس إلا مع الكرامية والحنبلية، وكلامه هذا أصح مما زعمه ابن سينا حيث ادعى أن السنن الإلهية منعت الناس عن شهرة القضايا التي سماها (الوهميات) مثل أن: كل موجود فلا بد أن يشار إليه، فإن تلك السنن ليست إلا سنن المعتزلة والرافضة والإسماعيلية ومن وافقهم من أهل البدع ليست سنن الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم أجمعين.
وما نقله ابن رشد عن هذه الأمة فصحيح، وهذا مما يرجع أن نقله لأقوال فلاسفة أصح من نقا ابن سينا.
ولكن التحقيق أن الفلاسفة في هذه المسألة على قولين وكذلك في مسالة ما يقوم بذاته من الأفعال وغيرها من الأمور، للفلاسفة في ذلك قولان.