وأما كلامهم في نفس العلة الأولى فقليل جداً، ولهذا كانوا على قولين: منهم من يثبت موجوداً واجباً مبايناً للأفلاك، ومنهم من ينكر ذلك، وحجج مثبتي ذلك على نفاته منهم حجج ضعيفة، وقدماؤهم كأرسطو كانوا يستدلون بأنه لا بد للحركة من محرك لا يتحرك، وهذا لا دليل عليه بل الدليل يبطله.
وابن سينا سلك طريقته المعروفة، وهو الاستدلال بالوجود على الواجب، ثم دعواه أن الواجب لا يجوز أن يتعدد ولا تكون له صفة وهذه أيضاً طريقة ضعيفة ولعلها أضعف من طريقة أولئك، أو نحوها، أو قريبة منها.
وإذا كان كلام قدمائهم في العلم بالله تعالى قليلاً كثير الخطأ، فإنما كثر كلام متأخريهم لما صاروا من أهل الملل، ودخلوا في دين المسلمين واليهود والنصارى، وسمعوا ما أخبرت به الأنبياء من أسماء الله وصفاته وملائكته وغير ذلك، فأحبوا أن يستخرجوا من أصول سلفهم ومن كلامهم ما يكون فيف موافقة لما جاءت به الأنبياء لما رأوا في ذلك من الحق العظيم الذي لا يمكن جحده، والذي هو أشرف المعارف وأعلاها، فصار كل منهم يتكلم بحسب اجتهاده، فالفارابي لون، وابن سينا لون، وأبو البركات صاحب المعتبر لون، وابن رشد الحفيد لون، والسهروردي المقتول لون وغير هؤلاء ألوان أخر.
وهم في هواهم بحسب ما تيسر لهم من النظر في كلام أهل