بالمعدومات والجمادات، فما لا يتصف بشيء من صفات الكمال، فلا بد أن تكون له حياة، ولا علم، ولا قدرة، ولا كلام، ولا فعل، ولا عظمة، ولا رحمة، بل يكون موجوداً مطلقاً أو مجرداً - كان ممتنع الوجود، لا واجب الوجود.
وما لا يكون إلا كاملاً، لا يكون إلا بكماله، وما يجب أن يكون حياً عليماً قديراً، لا يكون إلا بحياته وقدرته وعلمه، وليس لزوم صفات الكمال له واستلزامه إياها، موجباً لكونه لا يكون موجوداً بنفسه.
وتسمى المسمى هذا جزءاً وبعضاً ونحو ذلك، غايته أن يقال: لا يمكن وجود الكل إلا بوجود بعضه، ومن المعلوم أن وجود الكل لا يوجد إلا بوجود الكل، فيكون الكل موجوداً بالكل، ولا يتضمن ذلك افتقاراً له إلى غيره، فإذا كان قول القائل: إنه مفتقر إلى نفسه أو كله لا يقدح في وجوب وجوده، فقوله: هو مفتقر إلى صفته أو بعضه أولى أن لا يقدح في وجوب وجوده.
ومما يبين ذلك أن هؤلاء المتفلسفة يقولون: إن وجوده مستلزم لوجود المعلولات الممكنات، فلا يتصور وجوده بدون وجودات ممكنة معلولة منفصلة عنه، وذلك لا يقدح عندهم في وجوب وجوده بنفسه، فكيف يقدح في وجوب وجوده كونه مستلزماً لصفات كمال لازمة له قائمة بنفسه؟ فإن كان استلزامه لغيره افتقاراً إليه، فافتقاره إلى معلوله