للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا بمنزلة قول أولئك: إن إحالة موجود لا داخل العالم ولا خارجه من حكم الوهم، فإنهم قد قالوا: إنه حكم في غير المحسوس بحكم المحسوس، فإن لم يكن في الوجود ما لا يمكن الإحساس به بطل قولهم، وإن كان فيه ما لا يمكن الإحساس به، وادعى هؤلاء أنه غير متناه من جميع الجوانب، وهو غير جسم عند بعضهم، وجسم عند آخرين منهم - كان الحكم حينئذ بكونه يكون مخالطاً للعالم، وأن ذلك ممتنع عليه، حكماً على غير المحسوس بحكم المحسوس، وهم لا يقبلون هذا الحكم.

ثم إن الكلام هنا من جهة من يقول: إنه مشار إليه، ويقول: إنه متناه، وهو مع ذلك جسم، أو ليس بجسم.

وإذا قال هؤلاء: كل مشار إليه فهو جسم، كان كقولهم: لو كان فوق العرش لكان مشاراً إليه، ولكان جسماً، وقد نازعهم في ذلك طوائف.

وتبين أن قول من قال: هو فوق العرش وليس بجسم، ليس هو أبعد عن العقل، من قول من قال: أنه لا داخل العالم ولا خارجه أصلاً.

فإن هذا أقرب إلى المعدوم من ذلك، وكل ما كان أقرب إلى العدم، كان أبعد عن الوجود الواجب.

فهكذا من قال: يشار إليه وهو غير متناه ولا يخالط، أو يخالط ولا نقص في ذلك - فقوله ليس أبعد عن العقل من قول أولئك، بل نظير قولهم أن يقال: إنه في كل مكان بذاته، ولا يشار إليه، ولا نهاية له، كما قال بعضهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>