قيل: إن المتمكن مفتقر إلى وجود المكان المستغنى عنه، وهذا لم يذكره في التقسيم.
وإن عنيت أنه يستلزم استغناءه عن فاعل مبدع، فهذا ليس بلازم على هذا التقدير، فإن الأمكنة كلها مفتقرة إلى فاعل مبدع، وإن استغنيت عن متمكن.
وإذا كان وجوده مستلزماً للحيز على هذا التقدير، لم يكن مفتقراً إلى ما هو مستغن عنه، بل كان وجوده مستلزمة لأمور لازمة له مفتقرة إليه، وذلك لا يوجب أن يكون غيره مستغنياً عنه، ولا أن يكون مفتقراً إلى ما هو مستغن عنه، كما أن الذات إذا كانت مستلزمة للصفات، لم يجب أن تكون الصفات أحق بالإلهية.
هذا عند من يقول بالصفات وكذلك من يقول بالأحوال من المسلمين، ومن نفى الجميع كالفلاسفة الدهرية، فعندهم أن وجود الواجب مستلزم لوجود الممكنات، مع أنها هي المفتقرة إليه، وهو مستغن عنها.
ونكتة الاعتراض أنه فرض افتقاره إلى مكان مستغن عنه، فلا ريب أن هذا باطل بالاتفاق، لأنه يلزم أن يكون الخالق فقيراً إلى ما هو مستغن عنه، وهذا ينافي وجوب وجوده.
وأما إذا كان ما سمي مكاناً مفتقراً إليه، وهو المبدع الخالق له، لم يكن فيما ذكره ما يبطل ذلك.