وكثيراً ما يشتبه ذلك وتتعارض الدلالتان عند من يكن السفسطة والإلحاد لشبه قامت به، فتكون الآفة من إدراكه لا من المدرك، كالأحول الذي يرى الواحد اثنين، والممرور الذي يجد الحلو مراً، وإلا فالسمع الصحيح هو القول الصادق من المعصوم، الذي لا يجوز أن يكون في خبره كذب لا عمداً ولا خطأً.
والمعقول الصحيح هو ما كان ثابتاً أو منتفياً في نفس الأمر، لا بحسب إدراك شخص معين، وما كان ثابتاً أو منتفياً في نفس الأمر.
لا يجوز أن يخبر عنه الصادق بنقيض ذلك، بل من شهد الكائنات على ما هي عليه وجدها مطابقة لخبر الصادق.
كما قال تعالى:{سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد}[فصلت: ٥٣] .
فأخبر أنه سيريهم من الآيات العيانية المشهودة لهم، ما يبين لهم أن القرآن حق.
وقال تعالى:{ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد}[سبأ: ٦] .
فمن أوتي العلم رأى أن ما أنزل إليه من ربه هو الحق، وأما من كان عنده ما يظنه علماً - وهو جهل - فذلك يرى الأمر على خلاف ما هو عليه، مثل من زاغ فأزاغ الله قلبه، وكان في قلبه مرض، فزاده الله مرضاً، وممن يقلب الله أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة، ومن الصم البكم