فيقال: أولاً: لا بد أن يكون المحروس هو نفس ما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أخبر به لأمته، فأما إذا كان المحروس فيه ما يوافق خبر الرسول وفيه ما يخالفه، كان تمييزه قبل حراسته أولى من الذب عما يناقض خبر الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن حاجة المؤمنين إلى معرفة ما قاله الرسول وأخبرهم به ليصدقوا به، ويكذبوا بنقيضه، ويعتقدوا موجبه، قبل حاجتهم إلى الذب عن ذلك، والرد على من يخالفه، فإذا كان المتكلم الذي يقول إنه يذب عن السنة، قد كذب هو بكثير مما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم، واعتقد نقيضه - كان مبتدعاً مبطلاً متكلماً بالباطل فيما خالف فيه خبر الرسول صلى الله عليه وسلم، كما أن ما وافق فيه خبر الرسول، فهو فيه متبع للسنة، محق يتكلم بالحق.
وأهل الكلام الذين ذمهم السلف لا يخلو كلام أحد منهم على مخالفة السنة، ورد بعض ما أخبر به الرسول، كالجهمية والمشبهة، والخوارج والروافض، والقدرية، والمرجئة.
ويقال بأنها لا بد أن تحرس السنة بالحق والصدق والعدل، كما تحرس بكذب ولا ظلم، فإذا رد الإنسان باطل بباطل، وقابل بدعة ببدعة، كان هذا مما ذمه السلف والأئمة.