مجيئهم في العقول وغلط من دفع لك، وبان صدقهم بالآيات التي ظهرت عليهم - لم يسع لمن عرف من ذلك ما عرفه أن يعدل عن طريقتهم، إلى طرق من دفعهم وأحال مجيئهم، فلما كان هذا واجباً لما ذكرناه عند سلف الأمة والخلف كان اجتهاد الخلف - في طلب أخبار النبي صلى الله عليه وسلم، والاحتياط في عدالة الرواة لها - واجباً عندهم،
ليكونوا فيما يعتقدونه من ذلك على يقين.
لذلك كان أحدهم يرحل إلى البلاد البعيدة في طلب الكلمة تبلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حرصاً على معرفة الحق من وجهه، وطلباً للأدلة الصحيحة فيه، حتى تثلج صدورهم بما يعتقدونه، وتسكن نفوسهم إلى من يتدينون به، ويفارقوا بذلك من ذمه في تقليده لمن يعظمه من سادته بغير دلالة تقتضي ذلك، ولما كلفهم الله عز وجل ذلك وجعل أخبار نبيه صلى الله عليه وسلم