ليس له مادة تحمله، فإن الجسم القائم بنفسه لا يكون شائعاً في الجسم قائماً بنفسه، لكن خلق من مادة، كما خلق الإنسان من المني، وهذه المادة لا تبقى مع وجود ما خلق منها، بل تفنى وتعدم شيئاً فشيئاً.
وهذا هو العدم المشهود في الأعيان، فإن الله تعالى كما ينشئ ما يخلقه شيئاً فشيئاً فينفي ما يعدمه شيئاً فشيئاً.
وقد بسط الكلام على هذه الأمور في غير هذا الموضع.
وإذ كان كذلك فالطريقة المذكورة في القرآن هي المعلومة بالحس والضرورة، ولا يحتاج مع ذلك إلى إقامة دليل على حدوث ما يحدث من الأعيان، بل يستدل بذلك على وجود المحدث لله تعالى.
وأما المعتزلة والجهمية ومن تبعهم، فطريقتهم المشهورة في إثبات حدوث العالم وإثبات الصانع هي الاستدلال:(بإثبات الأعراض أولاً، وإثبات حدوثها ثانياً، وبيان استحالة خلو الجواهر عنها ثالثاً، وبيان استحالة حوادث لا أول لها رابعاً) ، وقد وافقهم عليها اكثر الأشعرية وغيرهم، وهذه هي التي ذمها الأشعري، وبين أنها ليست طريقة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ولا من اتبعهم، وإنما سلكها من يخالفهم من الفلاسفة وأتباعهم المبتدعة كما تقدم.
وقد تقدم نقل كلامه في ذلك وهو المقصود، وكلامه يقتضي أنها محرمة في الدين