والتحقيق أن الصور الصناعية إنما هي أعراض وصفات قائمة بالأجسام، كالفضة والحديد والخشب والغزل واللبن ونحو ذلك، وأما الحيوان والنبات والمعدن فهي جواهر استحالت عن جواهر أخرى، وإثبات مادة مشتركة بينها باقية مع اختلاف الصور عليها قول باطل، كما أن إثبات أولئك للجوهر الفرد قول باطل.
والذين قالوا: إن بدن الإنسان وأمثاله من المحدثات إنما حدثت أعراضه لم تحدث عين قائمة - أخطأوا، والذين قالوا: إن جميع الصور جواهر أخطأوا، بل الصورة قد تكون عرضاً كالشكل، والصور الصناعية من هذا الباب.
وقد يعبر بالصورة عن نفس الشيء المصور كالإنسان، فالصورة هنا جوهر قائم بنفسه، ليس قائماً بجوهر آخر.
والقرآن العزيز ذكر خلق الله تعالى لما خلقه من الجواهر التي هي أعيان قائمة بأنفسها، مع ما نشهده من إحداث الصفات والأعراض أيضاً، والاستدلال بذلك على الخالق سبحانه، وجعل ذلك من آياته هو مما بينه القرآن.