فهذا بيان لأنهم كانوا أهل علم ويقين، لا أهل جهل وتقليد، وأنه حصل لهم معرفة يقينية ضرورية، بهدى الله لهم، وشرح صدورهم، كما قد بسط هذا في غير هذا الموضع، وبين أن الإيمان والعلم لا يتوقف على النطر الذي أحدثه أهل الكلام، فضلاً عن الكلام المخالف للنصوص.
وقوله:(ورأوا أن فيما عندهم من علم الكتاب والسنة غنىً ومندوحة عما سواهما)
فهذا لأن الكتاب - والسنة - قد بين الحق وبين الطرق التي بها يعرف الحق، وذكر من الأدلة العقلية والأمثال المضروبة، التي هي مقاييس برهانية، ما هو أكمل في تحصيل العلم واليقين، مما أحدثه أهل البدع من أهل الكلام والفلسفة.
وليس هدى الكتاب بمجرد كونه خبراً، كما يظنه بعضهم، بل قد نبه وبين ودل على ما به يعرف الحق من الباطل، من الأدلة والبراهين، وأسباب العلم واليقين، كما قد بسط هذا في غير هذا الموضع.
وما ذكره من أنه لما تأخر الزمان، وفترت عزائم بعض الناس عن طلب حقائق علوم الكتاب والسنة أخذوا يردون شبه الملحدين