إليه من تلك الوجوه كان مقلداً غير موحد على الحقيقة - هو أن الله سبحانه لما أراد إكرام من هداه لمعرفته، بعث رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً.
وقال له:{يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} .
وقال صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع، وفي مقامات شتى، وبحضرته عامة أصحابه:«ألا هل بلغت» .
وكان الذي أنزل عليه من الوحي، وأمر بتبليغه، هو كمال الدين وتمامه، لقوله تعالى:{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} ، فلم يترك صلى الله عليه وسلم شيئاً من أمور الدين: قواعده، وأصوله، وشرائعه، وفصوله - إلا بينه، وبلغه على كماله وتمامه، ولم يؤخر بيانه عن وقت الحاجة إليه، إذ لا خلاف بين فرق الأمة: أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز بحال.
ومعلوم أن أمر التوحيد وإثبات الصانع لا تزال الحاجة ماسة إليه أبداً في كل وقت وزمان، ولو أخر عنه البيان لكان التكليف واقعاً بما لا سبيل