يطول تتبعه واستقراؤه، فعن هذه الوجوه ثبت عندهم أمر الصانع وكونه، ثم بينوا وحدانيته وعلمه وقدرته، بما شاهدوه من اتساق أفعاله على الحكمة، واطرادها في سبلها، وجريها على إدلالها، ثم علموا سائر صفاته توقيفاً عن الكتاب المنزل، الذي بان حقه، وعن قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي قد ظهر صدقه، ثم تلقى جملة أمر الدين عنهم أخلافهم وأتباعهم، كافة عن كافة، قرناً بعد قرن، فتناولوا ما سبيله الخبر منها تواتراً واستفاضة، على الوجه الذي تقوم به الحجة، وينقطع فيها العذر، ثم كذلك من بعدهم عصراً بعد عصر، إلى آخر من تنتهي إليه الدعوة، وتقوم عليه بها الحجة، فكان ما اعتمده المسلمون من الاستدلال في ذلك أصح وأبين، وفي التوصل إلى المقصود به أقرب، إذ كان التعلق في أكثره إنما هو بمعاني درك الحس، وبمقدمات من العلم مركبة