الجزء، وإذا قيل: بل العقل يقضي بالقضية الكلية قضاءً عاماً.
قيل: إنما كان ذاك بواسطة علمه بالجزئيات، فيعود إلى التمثيل.
ولهذا توجد عامة قضاياهم الكلية منتقضة باطلة، لأنهم يدعون فيها العموم، بناءً على ما عرفوه من التجارب والعادات، وتكون تلك منتقضة في نفس الأمر كما هو الواقع، فإن من قال: كل نار فإنها تحرق ما لاقته، إنما قاله لأجل إحساسه بما أحس به من جزئيات هذا الكلي، وقد انتفض ذلك عليه بملاقاتها للياقوت والسمندل وغير ذلك، وبسط الكلام في هذا له موضع آخر.
والمقصود هنا التنبيه على أن كل واحد من قياس التمثيل والشمول يفيد أمراً كلياً مطلقاً بواسطته يحصل العلم بالمعينات الموجودة في الخارج، ثم قد يكون العلم بتلك المعينات غنياً عن ذينك القياسين، والمعين الذي لا نظير به لا يعلم لا بهذا القياس ولا بهذا القياس، وقد تكون الكلية منتقضة، فالقياس لا يحصل بنفسه العلم بالمعينات، وقد لا يحصل العلم به مطلقاً، وقد يكون كثير الانتقاض، بخلاف النصوص النبوية، فإنها لا تكون إلا حقاً، وهي تخبر عن المعينات على ما هي عليه.
وأعظم المطالب العلم بالله تعالى، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، وأمره، ونهيه، وهذا كله لا تنال خصائصه لا بقياس الشمول ولا بقياس التمثيل، فإن الله تعالى لامثل له فيقاس به، ولا يدخل هو