والثاني كالعلم بأحكام النجوم، التي غلبها ظنون لا تغني من الحق شيئاً، والخطأ فيها أكثر من الصواب، والكذب فيها أكثر من الصدق) .
وهذان النوعان غير ما ذكر أولاً، ذمه لما فيه من الخطر والعسر والعجز.
وهذه الثلاثة غير ما هو كذب في نفسه وباطل، فإن هذا هو الكلام المذموم في نفسه، فما كان كذباً غير مطابق للحق فهو مذموم في نفسه، بخلاف ما فيه عسر وهو حق، فإن هذا، وإن ذم من وجه فقد يحمد من وجه آخر، بخلاف ما لا يدركه الإنسان، أو ما لا فائدة فيه، فإن هذا قد يقال: إن مضرته تضييع الزمان من جنس اللعب واللهو الذي لا ينفع، أو من جنس البطالة وتضييع الزمان، لكن متى أفضى بصاحبة إلى اعتقاد الباطل حقاً، والكذب صدقاً، كان من القسم المذموم بنفسه.
وكل كلام ناقض نصوص الأنبياء فإنه من الكلام المذموم بنفسه، وهو باطل قطعاً.
وأما قوله:(وتكلموا في الروح، والقدر، والتعديل والتجوير، والعقل والنفس) فقد يظن أن الكلام في هذا مذموم مطلقاً، وليس كذلك.
بل الكلام في ذلك وغيره بالحق النافع لا يذم، وإنما يذم الكلام الباطل، والكلام بلا علم، والكلام الحق لمن يعجز عن معرفته.
كما قال ابن مسعود: ما من رجل يحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم.