وأما ما ذكره الخطابي من القياس والاعتبار في الأحكام الشرعية.
وأن الكتاب والسنة لم يستوفيا بيان جميع ما يحتاج إليه الناس نصاً.
فهذا كلام في القياس العلمي الشرعي، وهو مبسوط في موضعه.
والناس في هذا بين إفراط وتفريط، كما هم كذلك في القياس العقلي الخبري.
فطائفة تزعم أن أكثر الحوادث لا تتناولها النصوص، بل إنما تعلم بالقياس.
وطائفة بآرائهم يزعمون أن القياس كله باطل، حتى يردون الاستدلال المسمى بتنقيح المناط، ويردون قياس الأولى وفحوى الخطاب، والعلة المنصوصة، ويرجعون إلى العموم واستصحاب الحال.
وكل من الطائفتين مخطئة غالطة، فإن الطائفة الأولى بخست الكتاب والسنة حقهما، وقصرت في معرفتهما وفهمهما، واعتصمت بأنواع من الأقيسة الطردية التي تغنى من شيئاً، أو بتقليد قول من لا تعرف حجة قائله.
وكثيراً ما تجد هؤلاء إذا فتشت حجتهم إنما هي مجرد دعوى.
بأن يظن أحدهم أن الحكم الثابت في الأصل معلق بالوصف المشترك، من غير دليل يدله على ذلك، بل بمجرد اشتباه قام في نفسه،