للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هنا قد علم يقيناً أن الحكم ليس مخصوصاً بمورد النص، فلا يجوز نفيه عما سواه بالاتفاق، كما يمكن ذلك في صور القياس المحض المسمى بتخريج المناط، فإنه لما نهى عن التفاضل في الأصناف الستة لم يعلم أن حكم غيرها حكمها، إلا بدليل يدل على ذلك.

ولهذا كان بعض نفاة القياس لما حكموا في مثل هذا بأن الحكم مخصوص بفأرة وقعت في سمن، دون سائر الميتات والنجاسات الواقعة في سائر المائعات، ظهر خطاؤهم يقيناً، فإن الشارع - صلوات الله عليه - لم يعلق الحكم في خطابه بفأره وقعت في سمن، ولكن السائل سأله عن ذلك، والسائل إذا سأل عن حكم عين معينة، أو نوع باسمه، لم يجب أن يكون الحكم معلقاً مختصاً بما سأل عنه السائل، بل قد يكون ما سأل عنه السائل داخلاً في حكم عام، كما إذا سئل عن عين معينة لم يكن الحكم مخصوصاً بتلك العين، ولا فرق بين أن يسأل عن عين أونوع، فليس في جوابه ما يقتضي اختصاص الحكم بمورد السؤال، فهذا من أعظم الغلط.

وهنا يظهر تفاضل العلماء بما آتاهم الله من العلم، فمن استخرج المناط الذي دل عليه الكتاب والسنة، دل على فهمه لمراد الرسول صلى الله عليه وسلم، مثل أن يقول القائل: الحكم هنا ليس متعلقاً بمجرد الميتة، بل بالخبيث الذي قال الله تعالى فيه: {ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث} ، فإن الميتة، وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>