وقوله في الآية الأخرى:{بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون} ، بيان لكونه سبحانه يخلق الأشياء بكلمته، وأنها منقادة له، فإذا قال له: كن، كانت.
وهذا مناف للتوليد، بل خلق المسيح عليه السلام بكلمة (كن) .
وقد علم في الشاهد أن من يدبر الأشياء بمجرد كلمته ليس كالذي يحتاج إلى أن تولد منه الأشياء، فكيف يوصف بالتولد وهو سبحانه في جميع ما يقضيه إنما يقول له: كن فيكون؟
وأما ما ذكره من قوله تعالى:{أفعيينا بالخلق الأول} ، وقول ذلك القائل: من أنكر الخلق فلم ينكره لأجل كونه عيي بالخلق الأول.
فيقال له: مثل هذا الكلام إذا قاله ملحد طاعن في القرآن، كان فيه الدلالة على جهله وضلاله ما لا يقدر على وصفه الإنسان.
وذلك أن الله تعالى في كتابه ذكر من دلائل المعاد وبراهينه ما لا يقدر أحد على أن يأتي بقريب منه، وذكر فيه من أصناف الحجج ما ينتفع به عامة الخلق.